
للطبيعة تأثير كبير على الإنسان سواء على صحته النفسية أم قدراته العقلية أم صفاته الشخصية، إلا أن اختلاف درجة التعامل مع البيئة الطبيعية من إنسان إلى آخر والتعرّض المباشر لها، قد أديا إلى اختلاف تأثير البيئة الطبيعية عليه. فالتعرّض المباشر للبيئة الطبيعية يمنح الإنسان الاتزان النفسي وراحة الدماغ وأعضاء الجسم. لعودة للطبيعة يعيد لنا الحيوية، والحرية وإراحة النفسية، ولطالما كان حدس بني البشر قويا فيما يتعلق بالخروج للحياة البرية بحثا عن الهدوء حيث أن بعض الطقوس للقبائل التي عاشت سابقا اشتملت الخروج للطبيعة كجزء من مرحلة البلوغ وإثبات المسؤولية والاستقلالية، فيما الثقافات الحديثة كما في شرق آسيا تأخذ سكانها
في تجربة “حمامات الغابات” التي تضيف لهم الشفاء والنمو الشخصي التي تمنحها المناظر الطبيعية.
أشكال الطبيعة في اللوحات الفنية :
يمكن أن تتخذ الطبيعة في الفن العديد من الأشكال المرئية ، من الصورة الواقعية إلى التجريد. يمكن للفن تقليد الطبيعة ، من خلال السعي إلى تكرار الأشياء بصريًا كما تظهر في الواقع في الحياة الواقعية. لكن اللوحات التجريدية يمكن أيضًا أن تأخذ إشاراتها البصرية من الأشكال الفعلية في الطبيعة.
لوحات طبيعة – ما أهمية الطبيعة
لا أحد يعرف بالتأكيد؛ إلا أن فرضية مستمدة من عالم الأحياء الأميركي إدوارد أوسبورن ويلسون ونظريته عن البيولوجيا التطورية “الهيموفيليا”؛ وهي نظرية توحي بوجود أسباب التطور لدى الناس الباحثين عن تجارب في الطبيعة، ولماذا نفضل الأماكن الجميلة فيها، وبخاصة أن الطبيعة غنية بتلك المناظر التي تخطف الأنفاس وهي بيئة غنية بالموارد وتوفر الغذاء الأمثل والمأوى والراحة.
وهذه الاحتياجات التطورية تفسر سبب رسم الأطفال للبيئات الطبيعية دائما بالفطرة، وتبرز تفضيلنا كبشر للطبيعة وكونها جزءا من العمارة التي تحيط بنا.
وهذه النظرية التي قدمها ادوارد ويلسون في كتابه الذي صدر في العام 1984، تغوص في عمق ميل البشر للتواصل مع الطبيعة وأشكال الحياة الأخرى، وهي تعني حب الحياة أو نظم المعيشة، واستخدمت لأول مرة من قبل اريك فروم لوصف التوجه السيكولوجي لكل ما هو على قيد الحياة.
وهي تفسر الانتماءات العميقة في الحياة والطبيعة متجذرة في طبيعة البشر البيولوجية، ما يعزز تلك المشاعر الايجابية التي ترى لدى الناس حين يتفاعلون مع الطبيعة والحيوانات والكائنات في محيطها وأيضا تفسر رهاب البعض منها أيضا. وكان ارسطو أيضا ممن أثاروا مفهوم “حب الحياة” أو الغوص في العلاقات أو الصداقات، وأثار أيضا كيف أن الصداقات بالمثل مفيدة لكلا الطرفين، وهنالك أكثر من طريقة واحدة لبلوغ السعادة.
كيف تساعدنا لوحات الطبيعة على فعل الخير والشعور بالراحة؟
في عدة دراسات نظر إلى الآثار الهائلة للطبيعة الخلابة التي تبعد عن الحضارة والتلوث بين الجبال والغابات، التي تؤجج الحماس وتملأ كل مسامات الخلايا لدينا بشعور غريب لا يخلو من الانتعاش والتحرر والصفاء، وتلك تلهم التجارب العاطفية وتنعكس على السلوك.
إن الطبيعة غذاء الروح بالنسبة للإنسان، فكما إن الإنسان كائنً حي وله حواس يدرك ويشعر بها، فأن الطبيعة ذات حساسية في ذاتها لان لكل كائن حي خاصية يتميز بها والنباتات أيضا كائنة حساسة أيضا تتأثر بالمحيط والمناخ. فإذا حدث خلل بسيط في توازن المناخ فان ذلك يؤثر مباشرة على النباتات و البيئة بشكل عام، أي أن الطبيعة لها حساسيتها الخاصة بها.
ما تأثير لوحات الطبيعة على نفسيتك:

أكدت تجربة واسعة النطاق أجريت على 120 عينة دور الطبيعة في الحد من التوتر والتعامل معه. عُرِض على كل مشارك لوحات طبيعة أو بيئة حضرية. كشفت البيانات التي تم الحصول عليها من هذا الاستطلاع أن المشاركين الذين نظروا إلى لوحات الطبيعة كانت لديهم درجات منخفضة في مقاييس التوتر ومستوى نبض ودقات قلب أفضل.
علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن معدل التحسن في ضغط الدم كان أعلى بكثير في المشاركين الذين تعرضوا للوحات الفنية الطبيعية أكثر من أولئك الذين شاهدوا الأجواء المتحضرة. وأشادت مجريات هذه الدراسة بقوة بالدور الذي تلعبه الطبيعة في تحسين ظروف الصحة العقلية العامة بما في ذلك مجابهة التوتر.
قضاء الوقت و مشاهدة إحدى مشاهد لوحات الطبيعة الخلابة مثل غروب الشمس أو الشاطئ أو السحب أو الغابات تنمي تفكيرنا الإيجابي دون بذل جهد كبير لنا، وتساعدنا على استعادة طاقة الحياة التي امتصتها العواطف السلبية منا.
البقاء على مقربة من الطبيعة ، ومراقبة كل العناصر الصغيرة والهامة فيها ، وتقديرها من جوهرها ، هو علاج وعلاج ذاتي. حتى و إن كان جل مما نفعله هو الحديث و ليس الفعل ، يمكننا أن نتعلم الكثير من التواصل مع محيطنا الطبيعي. إنه يعطينا وجهة نظر لحياة أكثر صحة ، و دافع لمواصلة المضي قدماً ، والطاقة للاستمرار في المحاولة. لأنه لا يوجد رابط أكثر بدائية وراسخ فينا من حبنا للطبيعة ورعاية الطبيعة لنا.
لوحات المناظر الطبيعية لتهدئة أرواحنا:
في حين أن القليل منا هذه الأيام يغامر بالخروج من منازلنا ، ناهيك عن زيارة المحميات الطبيعية لا تزال هناك طريقة لجلب راحة الطبيعة إلى منازلنا. إنه يسمى فن المناظر الطبيعية.
يمكن أن تكون الطبيعة إضافة بسيطة إلى لوحة ما لنقل إحساس بالعمق أو المنظور. ومع ذلك ، يمكن أن يكون أيضًا المحور الرئيسي لعمل فني. تمامًا كما يمكن إعادة إنشاء الطبيعة من خلال الفن ، يمكن أيضًا استخدامها كموقف لتفكير أكبر.
هل يمكن للفن الجداري أن يجعلنا نشعر بتحسن؟
علماء الأعصاب وعلماء النفس اختبروا تأثير المنبهات البصرية والسمعية الفنية – القائمة على العالم الطبيعي – على الناس. تظهر النتائج التي توصل إليها أن الأصوات والمشاهد الطبيعية يمكن أن تثير حالات نفسية إيجابية ، مع إمكانية تحسين رفاهية الناس والمساعدة في التعافي من التوتر.